فصل: الآيات (8ـ 9)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2* -  سورة العنكبوت مكية وآياتها تسع وستون

*3* -  مقدمة سورة العنكبوت

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت سورة العنكبوت بمكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت سورة العنكبوت بمكة‏.‏

وأخرج الدارقطني في السنن عن عائشة رضي الله عنه‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات، يقرأ في الركعة الاولى بالعنكبوت أو الروم، وفي الثانية بيس‏"‏

*3* التفسير

-  الم*أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون*ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعملن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ‏{‏الم‏}‏{‏أحسب الناس أن يتركوا‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ أنزلت في أناس بمكة قد اقروا بالاسلام، فكتب اليهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لما نزلت آية الهجرة‏:‏ انه لا يقبل منكم قرار ولا اسلام حتى تهاجروا قال‏:‏ فخرجوا عامدين إلى المدينة، فأتبعهم المشركون فردوهم، فنزلت فيهم هذه الآية، فكتبوا إليهم أنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا‏:‏ نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه‏.‏ فخرجوا فاتبعهم المشركون، فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا، فأنزل الله فيهم ‏{‏ثم ان ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم‏}‏ ‏(‏النحل، الآية 110‏)‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏ألم‏}‏ ‏{‏أحسب الناس‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض لهم المشركون فرجعوا، فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم من القرآن فخرجوا، فقتل من قتل وخلص من خلص، فنزل القرآن ‏(‏والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا‏)‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ نزلت هذه الآيات في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة، وهؤلاء الآيات العشر مدنيات، وسائرها مكي‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال‏:‏ نزلت في عمار بن ياسر يعذب في الله ‏{‏أحسب الناس أن يتركوا‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال‏:‏ سمعت ابن عمير وغيره يقولون‏:‏ كان أبو جهل لعنه الله يعذب عمار بن ياسر وأمه، ويجعل على عمار درعا من حديد في اليوم الصائف، وطعن في حيا أمه برمح‏.‏ ففي ذلك نزلت ‏{‏أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون‏}‏‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏وهم لا يفتنون‏}‏ قال‏:‏ لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم ‏{‏ولقد فتنا الذين من قبلهم‏}‏ قال‏:‏ ابتلينا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون‏}‏ قال‏:‏ يبتلون ‏{‏ولقد فتنا الذين من قبلهم‏}‏ قال‏:‏ ابتلينا الذين من قبلهم ‏{‏فليعلمن الله الذين صدقوا‏}‏ قال‏:‏ ليعلم الصادق من الكاذب، والطائع من العاصي، وقد كان يقال‏:‏ ان المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذهب بالنار، وكان يقال‏:‏ ان مثل الفتنة كمثل الدرهم الريف يأخذه الاعمى ويراه البصير‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ ‏{‏فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين‏}‏ قال‏:‏ يعلمهم الناس‏.‏

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال‏:‏ كان الله يبعث النبي إلى أمته فيلبث فيهم إلى انقضاء اجله في الدنيا، ثم يقبضه الله إليه فتقول الأمة من بعده، أو من شاء الله منهم‏:‏ انا على منهاج النبي وسبيله، فينزل الله بهم البلاء فمن ثبت منهم على ما كان عليه فهو الصادق، ومن خالف إلى غير ذلك فهو الكاذب‏.‏

وأخرج ابن ماجه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ أول من أظهر اسلامه سبعة‏.‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وسمية أم عمار، وعمار، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فالبسوهم ادراع الحديد، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول‏:‏ أحد أحد‏.‏‏.‏‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء مايحكمون‏.‏

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏أم حسب الذين يعملون السيئات‏}‏ قال‏:‏ الشرك‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏أن يسبقونا‏}‏ قال‏:‏ ان يعجزونا‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم*ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين*والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏من كان يرجو لقاء الله‏}‏ قال‏:‏ من كان يخشى البعث في الآخرة‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون*والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين‏.‏

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال‏:‏ قالت أمي‏:‏ لا آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتى تكفر بمحمد، فامتنعت من الطعام والشراب حتى جعلوا يسجرون فاها بالعصا، فنزلت هذه الآية ‏{‏ووصينا الانسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ووصينا الانسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما‏}‏ قال‏:‏ أنزلت في سعد بن مالك رضي الله عنه لما هاجر قالت امه‏:‏ والله لا يظلني ظل حتى يرجع، فأنزل الله في ذلك أن يحسن اليهما، ولا يطيعهما في الشرك‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين*وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين‏.‏

أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله‏}‏ إلى قوله ‏{‏وليعلمن المنافقين‏}‏ قال‏:‏ أناس يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاء من الناس، أو مصيبة في أنفسهم، أو أموالهم، فتنوا فجعلوا ذلك في الدنيا كعذاب الله في الآخرة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن الناس من يقول آمنا بالله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ كان أناس من المؤمنين آمنوا وهاجروا، فلحقهم أبو سفيان فرد بعضهم إلى مكة فعذبهم، فافتتنوا، فأنزل الله فيهم هذا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله ‏{‏فإذا أوذي في الله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ إذا أصابه بلاء في الله عدل بعذاب الله عذاب الناس‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏فتنة الناس‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ يرتد عن دين الله إذا أوذي في الله‏.‏

وأخرج أحمد وابن أبي شيبه وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن ماجه وأبو يعلى وابن حبان وأبو نعيم والبيهقي في شعب الإيمان والضياء عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أخفت في الله وما يخاف احد، ولقد أتت علي ثالثة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما يواري ابط بلال‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن الناس من يقول آمنا بالله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا وأصابهم بلاء من المشركين، رجعوا إلى الكفر والشرك مخافة من يؤذيهم، وجعلوا اذى الناس في الدنيا كعذاب الله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ومن الناس من يقول آمنا بالله‏}‏ إلى قوله ‏{‏وليعلمن المنافقين‏}‏ قال‏:‏ هذه الآيات نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة، وهذه الآيات العشر مدنية‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏وقال الذين كفروا للذين أمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وماهم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون*وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون‏.‏

أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم‏}‏ قال‏:‏ قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم قالوا‏:‏ لا نبعث نحن ولا أنتم، فاتبعونا فإن كان عليكم شيء فعلينا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏وقال الذين كفروا‏}‏ هم القادة من الكفار ‏{‏للذين آمنوا‏}‏ لمن آمن من الاتباع ‏{‏اتبعوا سبيلنا‏}‏ ديننا، واتركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏وما هم بحاملين‏}‏ قال‏:‏ بفاعلين ‏{‏وليحملن أثقالهم‏}‏ قال‏:‏ أوزارهم ‏{‏وأثقالا مع أثقالهم‏}‏ قال‏:‏ أوزار من أضلوا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن المنذر عن ابن الحنفية رضي الله عنه قال‏:‏ كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون، يقولون‏:‏ انه يحرم الخمر، ويحرم الزنا، ويحرم ما كانت تصنع العرب، فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم‏.‏ فنزلت هذه الآية ‏{‏وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم‏}‏‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم‏}‏ قال‏:‏ هي مثل التي في النحل ‏{‏ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم‏}‏ ‏(‏النحل، الآية 25‏)‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم‏}‏ قال‏:‏ حملهم ذنوب أنفسهم، وذنوب من اطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن اطاعهم من العذاب شيئا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، وأيما داع دعا إلى ضلالة فأتبع عليها وعمل بها فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا‏"‏ قال عون‏:‏ وكان الحسن رضي الله عنه مما يقرأ عليها ‏{‏وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم‏.‏‏.‏‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي امامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏اياكم والظلم فإن الله يقول يوم القيامة‏:‏ وعزتي لا يجيزني اليوم ظلم، ثم ينادي مناد فيقول‏:‏ أين فلان بن فلان‏؟‏ فيأتي فيتبعه من الحسنات أمثال الجبال، فيشخص الناس إليها أبصارهم، ثم يقوم بين يدي الرحمن، ثم يأمر المنادي ينادي‏:‏ من كانت له تباعة أو ظلامة عند فلان بن فلان فهلم، فيقومون حتى يجتمعوا قياما بين يدي الرحمن فيقول الرحمن‏:‏ اقضوا عن عبدي فيقولون‏:‏ كيف نقضي عنه‏؟‏ فيقول‏:‏ خذوا له من حسناته‏.‏ فلا يزالون يأخذون منها حتى لا تبقى منها حسنة، وقد بقي من أصحاب الظلامات فيقول‏:‏ اقضوا عن عبدي فيقولون‏:‏ لم يبق له حسنة فيقول‏:‏ خذوا من سيئآته، فاحملوها عليه، ثم نزع النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية ‏{‏وليحملن أثقالهم وأثقالا مع اثقالهم‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد عن حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ سأل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك القوم، ثم ان رجلا أعطاه، فأعطى القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعهم غير منتقص من اجورهم شيئا، ومن أسن شرا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه وابن مردويه عن أبي هريرة وأبي الدرداء قالا‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏سيروا سبق المفردون‏.‏ قيل‏:‏ يا رسول الله ومن المفردون‏؟‏ قال‏:‏ الذين يهترون في ذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خفافا‏"‏‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون*فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناه آية للعالمين‏.‏

أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ بعث الله نوحا وهو ابن أربعين سنة، ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله، وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ كان عمر نوح عليه السلام قبل أن يبعث إلى قومه وبعدما بعث الفا وسبعمائة سنة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال‏:‏ قال لي ابن عمر رضي الله عنهما كم لبث نوح عليه السلام في قومه‏؟‏ قلت‏:‏ الف سنة إلا خمسين عاما، قال‏:‏ فإن من كان قبلكم كانوا أطول أعمارا، ثم لم يزل الناس ينقصون في الاخلاق والآجال والاحلام والاجسام إلى يومهم هذا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عون بن أبي شداد رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ ان الله أرسل نوحا عليه السلام إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة، فلبث فيهم الف سنة إلا خمسين عاما، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ جاء ملك الموت إلى نوح عليه السلام فقال‏:‏ يا أطول النبيين عمرا كيف وجدت الدنيا ولذتها‏؟‏ قال‏:‏ كرجل ردخل بيتا له بابان فوقف وسط الباب هنيهة ثم خرج من الباب الآخر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏فأخذهم الطوفان‏}‏ قال‏:‏ الماء الذي أرسل عليهم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال ‏{‏الطوفان‏}‏ الغرق‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏فأنجيناه وأصحاب السفينة‏}‏ قال‏:‏ نوح وبنوه ونساء بنيه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏وجعلناها آية للعالمين‏}‏ قال‏:‏ أبقاها الله آية فهي على الجودي‏.‏ والله أعلم‏.‏

-  قوله تعالى‏:‏ وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون*إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له وإليه ترجعون*وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين*أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير*قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير*يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون*وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير*والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم*فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون*وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين*فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم*ووهبنا له اسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏.‏

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏إنما تعبدون من دون الله أوثانا‏}‏ قال‏:‏ أصناما ‏{‏وتخلقون أفكا‏}‏ قال‏:‏ تصنعون أصناما‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن في قوله ‏{‏وتخلقون أفكا‏}‏ قال‏:‏ تنحتون‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وتخلقون أفكا‏}‏ قال‏:‏ تصنعون كذبا‏.‏

وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏كيف يبدي الله الخلق ثم يعيده‏}‏ قال‏:‏ يبعثه‏.‏ وفي قوله ‏{‏فانظروا كيف بدأ الخلق‏}‏ قال‏:‏ خلق السموات والأرض ‏{‏ثم الله ينشيء النشأة الآخرة‏}‏ قال‏:‏ البعث بعد الموت‏.‏ وفي قوله ‏{‏فما كان جواب قومه‏}‏ قال‏:‏ قوم إبراهيم‏.‏ وفي قوله ‏{‏فأنجاه الله من النار‏}‏ قال‏:‏ قال كعب ما أحرقت النار منه إلا وثاقه‏.‏ وفي قوله ‏{‏قال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا‏}‏ قال‏:‏ انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا ‏{‏ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا‏}‏ قال‏:‏ صارت كل خلة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين‏.‏ وفي قوله ‏{‏فآمن له لوط‏}‏ قال‏:‏ فصدقة لوط ‏{‏وقال إني مهاجر إلى ربي‏}‏ قال‏:‏ هاجرا جميعا من كوثي‏:‏ وهي من سواد الكوفة إلى الشام‏.‏ وفي قوله ‏{‏وآتيناه اجره في الدنيا‏}‏ قال‏:‏ عافية وعملا صالحا وثناء حسنا، فلست تلقى أحدا من أهل الملل إلا يرضي إبراهيم يتولاه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود رضي الله عنه أنه قرأ ‏{‏وتخلقون أفكا‏}‏ خفيفتين وقرأ ‏{أوثانا مودة‏}‏ منصوبة منونة ‏{‏بينكم‏}‏ نصب‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن جبلة بن سحيم قال‏:‏ سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة المريض على العود قال‏:‏ لا آمركم ان تتخذوا من دون الله أوثانا‏.‏ ان استطعت ان تصلي قائما، وإلا فقاعدا، وإلا فمضطجعا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏النشاة الآخرة‏}‏ قال‏:‏ هي الحياة بعد الموت‏:‏ وهو النشور‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏فآمن له لوط‏}‏ قال‏:‏ صدق إبراهيم عليهما السلام‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ‏{‏وقال إني مهاجر إلى ربي‏}‏ قال‏:‏ هو إبراهيم عليه السلام القائل إني مهاجر إلى ربي‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله ‏{‏وقال إني مهاجر إلى ربي‏}‏ قال‏:‏ إلى حران‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله ‏{‏وقال إني مهاجر إلى ربي‏}‏ قال‏:‏ إلى الشام كان مهاجر‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ سيهاجر خيار أهل الأرض هجرة بعج هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام‏"‏‏.‏

وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏صحبهما الله إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن منده وابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت‏:‏ هاجر عثمان إلى الحبشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏انه أول من هاجر بعد إبراهيم ولوط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر والطبراني والحاكم في الكني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ما كان بين عثمان ورقية وبين لوط من مهاجر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ أول من هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان كما هاجر لوط إلى إبراهيم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏ووهبنا له إسحق ويعقوب‏}‏ قال‏:‏ هما ولدا إبراهيم‏.‏ وفي قوله ‏{‏وآتيناه أجره في الدنيا‏}‏ قال‏:‏ ان الله رضى أهل الاديان بدينه، فليس من أهل دين إلا وهم يتولون إبراهيم ويرضون به‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏وآتيناه أجره في الدنيا‏}‏ قال‏:‏ الثناء‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وآتيناه أجره في الدنيا‏}‏ قال‏:‏ الولد الصالح والثناء‏.‏